الوعي الثوري وتحويل أفراد يقبعون تحت الظلم إلى أهل قضية مُنظمّون/ات وكتلة جمعية وازنة تُظهر القضية إلى السطح، تخاطب الرأي العام، وتتحرك على الأرض وفي غرف صناع القرار للحث على التغيير وجه من أوجه قوة الناس وقدرتهم على التحكم بمصائرهم. هذا ما صنعته حملة “أمي أردنية وجنسيتها حق لي” التي عملت على انتزاع بعض الميزات لأبناء الأردنيات المتزوجين من أب أجنبي المحرومين من الجنسية الأردنية وما يأتي معها من حقوق وطنية. على الرغم من أنّ الطريق طويل، وأن مطلب الجنسية والمواطنة الكاملة لم يتحقق بعد، إلّا أنّ الحملة رسخت خطاباً إعلامياً ومطلبياً لا زال متداولاً في الإعلام وبين الناس، فقوة الناس بصمود قضيتهم وقدرتهم على التنظيم.
تُحرم الأم الأردنية المتزوجة من أجنبي من حق توريث أبنائها الجنسية الأردنية وما يأتي معها من حقوق مدنية وعمالية وخدماتية تجعل من مشاركة حاملها السياسية والاجتماعية مشاركةً كاملةً تحت إطار المواطنة. من هذه المعاناة، خرجت في عام ٢٠٠٤ حملة «أمي أردنية وجنسيتها حق لي» للمطالبة والضغط على صانع القرار بتنفيذ التأويل الدستوري الذي يضمن مساواة الأردني والأردنية في الحقوق والواجبات ومنها حق توريث الجنسية.
عملت الكاتبة الأردنية نعمت الحباشنة على تنظيم أهل القضية في أوائل الحملة وتحويل مطالبهم المتفرقة إلى حراك جماعي واحد يوحّد صوتهم ويوصله إلى غرف صناعة القرار في الأردن.
في هذا التقرير، تتحدث منسقة الحملة عن بدايات التنظيم ومساعيه الأساسية ومعاناة أهل القضية:
فيديو: أمّي أردنيّة وجنسيتها حق لي | حقوق وحريات
إصرار أهل القضية وتنظيمهم المستمر للضغط على تجاوب الدولة كان واضحاً في تغطية هذا المقال لصمود الحملة ودخولها عامها الثامن وحشدها لأهل القضية وإعطائهم القوة للمطالبة بحقهم والأدوات التنظيمية للتحكّم بمصيرهم ضمن التكتيكات الضاغطة:
استطاعت الحملة أن توصل مطالبها مكتوبةً إلى مجلس النواب بعد اعتصام أمام بوابات المجلس وتحويل المطالب من صفحات الفيسبوك إلى غُرف التشريع:
هذه الجهود التنظيمية الجماعية تلاحمت مع المجتمع المدني ضمن تأسيس ائتلاف «جنسيتي حق لعائلتي» عام ٢٠١١، وبداية مرحلة جديدة من النضال الضاغط للتحول القانوني وانتزاع الحقوق، فتحولت كتلة الأمهات الأردنيات من تجمّع مطلبي مُنظّم إلى ائتلاف حقوقي يضغط على مستويات جديدة من الإرادة السياسية. هذا التقرير يوثق تشكيل هذا الائتلاف وعمله المنظّم:
فيديو: جنسيّتي حق لعائلتي | حقوق وحريات
ويوثق هذا المقال البناء القانوني والمطلبي الذي تشكّل في خطاب الحملة وعملها مع الائتلاف، هذا مقطع منه:
استطاع أهل القضية إثبات قوتهم على مستويات تنظيمية ومعرفية وجماعية وسياسية أيضاً، إن كان عبر تأسيس الشراكات أو بتصعيد الضغط بالتكتيكات على الأرض من اعتصامات ووقفات.
يوضح هذا المقال في مجلّة مُناصرة كيفية تكثيف الحملة لجهودها في الأعوام التي تلت تأسسيسها، حيث يقول المنسق العام الحالي للحمة، رامي الوكيل إنّ:
في هذه التغطية الصحفية لأحد اعتصامات الحملة أمام رئاسة الوزراء الأردنية في عيد الأم، نرى الأمهات مصطفات وقادرات على مواجهة الإعلام بمحاججات ومطالب لقضيتهم المُحقة، ما يوعز إلى قدرة الحملة في تفعيل الوعي الثوري والحقوقي لدى أهل القضية:
فيديو: الحقيقة الدولية حملة امي اردنية تعتصم وتؤكد رفضها للمزايا الخدمية
أثمرت قوة الناس والصمود التنظيمي الجماعي هذا تغييراً على مستوى السياسات إذ صدر قرار مجلس الوزراء عام ٢٠١٤ (ولاحقاً عام ٢٠١٩) بتخفيف القيود على أبناء الأردنيات ومنحهم بعض التسهيلات والامتيازات.
توثق مادة مجلة مناصرة ارتباط هذا التحوّل على مستوى السياسات بالتنظيم وجهود الحملة والائتلاف، ومنها هذا المقطع الآخر:
اعتبرت الحملة هذا التغيير الإيجابي غير كافٍ، وكان هنالك تكثيف للجهود مجدداً في الأعوام التي تلت قرار إصدار البطاقة التعريفية عام ٢٠١٤، ومنها مواصلة أهل القضية بالتنظيم والاستمرار بالاعتصامات لرفض الامتيازات الخدميّة والتوجه نحو الحقوق الكاملة، ووثق هذا المقال دخول أهل القضية مجدداً إلى غرف المُشرع لطرح القضية والثغرات في الحل السياسي المطروح وتطبيقه:
على الرغم من عدم تحقيق حملة «أمي أردنية وجنسيتها حق لي» هدفها الأسمى بإعطاء الأمهات الأردنيات حق توريث جنسيتهن لأبنائهن وبناتهن إلى هذا اليوم -ويوعز ذلك إلى السياق السياسي الذي يتذّرع بالمؤامرات الإقليمية مثل الوطن البديل وصفقة القرن والحل النهائي للقضية الفلسطينية ليبرر منعه مساواة المرأة مع الرجل في الحقوق-، نجحت هذه الحملة في انتزاع امتيازات مبدئية تضمن بعض الحقوق لأبناء الأردنيات، ونجحت في تعزيز فاعليه وأهلية أهل القضية من الأمهات وتنظيمهن، وأخيراً نجحت في إبراز القضية ودفعها إلى الرأي العام، حتى أنّ البرامج والمقالات من عام ٢٠١٩ و٢٠٢٢ (أي ١٥ و١٨ عاماً من بعد تأسيس الحملة صفحتها على الفيسبوك) لا زالت تتحدث عن القضية وتطرحها وتناقشها، مثلما جاء في هذه المدونة الصوتية (بودكاست) عن هذه القضية:
مسموع: الحلقة الثالثة عشر: حق الأردنية في منح جنسيتها لأبنائها
ومثلما جاء في هذا التقرير المكتوب المُخصص لهذه القضية في العام الماضي ٢٠٢٢: