جمانة عبدالعزيز،مديرة التواصل والإعلام تعبر عن هذه المحطة في رحلة أهل ٢٠٢٤
لدينا في “أهل” عادة نحبها ونطلق عليها “لَمّة الحديقة”. نجتمع خلالها لنأخذ استراحة جماعية، خصوصًا عندما يكون الأسبوع مزدحمًا والجميع منشغلًا، أو عندما يكون لدينا خبر نود مشاركته، أو إذا حدثت تطورات في السياق من حولنا نحتاج إلى مناقشتها وفهمها معًا. وأحيانًا، ببساطة، نلتقي لنتبادل القصص، لنضحك، ولنستمتع بفنجان من القهوة.
في الثالث من نيسان/أبريل 2024، كانت لنا لَمّة مختلفة قليلًا عن المعتاد. أرسلت لنا نسرين، مديرتنا التنفيذية آنذاك، رسالة في مجموعة “أهل”: “انزلوا، هذه آخر لمّة لي في الحديقة!”
بالطبع كنا جميعًا نعلم مسبقًا عن هذا اليوم، فقد كان يُحضَّر له منذ فترة طويلة، وكنا كفريق نستعد له منذ أشهر. في ذلك اليوم، بدأت مرحلة جديدة في “أهل”، بانتقال القيادة من نسرين الحاج أحمد، التي قادت المؤسسة منذ أن شاركت في تأسيسها، إلى زميلتنا ريم منّاع، التي كانت آنذاك مديرة قسم الحملات، وشريكًا أساسيًا في بناء المؤسسة وتطويرها لأكثر من عقد، وعضوًا فاعلًا في الفريق القيادي لـ”أهل”.
لم يكن القرار مفاجئًا لنا، وكنا نعرف مسبقًا لماذا اتُّخذ. نسرين كانت دائمًا تقول إنها ستطبّق ما تعلّمنا إياه: القيادة التشاركية، التي تعكس جوهر قيم “أهل”. لم يكن الأمر مجرد انتقال إداري أو قرارًا شخصيًا، بل كان خطوة أساسية تعكس إيماننا بأن القيادة ليست منصبًا، بل عملية مستمرة لبناء أجيال جديدة من القادة، الذين يحملون الشعلة بروح متجددة، يبنون على مسيرة “أهل”، ويقودونها نحو المستقبل.
لا أخفيكم، أحيانًا أشعر ببعض الغيرة من الفريق الذي سيعمل مع نسرين في محطتها القادمة. لكن الحماس الذي شعرت به منذ اليوم الأول لاستلام ريم القيادة، وشغفها المعدي بالتنظيم، وإيمانها العميق بقوة الناس، جعلني وزميلاتي نتطلع للأمام بثقة. انتقال القيادة إلى ريم كان رسالة واضحة لنا جميعًا: “أهل” هي مؤسسة تحتضن التطور، وتفتح المجال للنمو المهني والقيادي للجميع، سواء عبر تولي أدوار جديدة أو بتوسيع الرؤية للدور القيادي.
وبالفعل، كان عام 2024 مليئًا بالتحديات، أساسًا بسبب السياق الذي نعمل فيه، والقرارات الصعبة التي كان علينا اتخاذها، إضافةً إلى الحاجة إلى سرعة الاستجابة، والمرونة، وحتى الإبداع في إيجاد الحلول. لكن الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه الهدف الأكبر، وإيماننا بأن عملنا في “أهل” يمكّن الآخرين، وأننا فعلًا نحمل هذه المسؤولية معًا، وأن لكل منا دورًا في قيادة المؤسسة، هو ما فتح لنا مساحات حقيقية للنمو المهني، لي شخصيًا، ولكل زميلاتي في الفريق أيضًا.
في ذلك اليوم في الحديقة، وبعد فنجان القهوة، قررنا ألا نحزن وألا نودّع. قررنا أن نحتفل بنسرين، ونفرح بتخرّجها من مرحلة إلى أخرى، ونحن على يقين بأنها ستُبدع وتتألق أينما كانت. فهي لم تهدِنا عبر “أهل” سوى جزء من رؤيتها ورسالتها الشخصية، القائمة على إحداث التغيير من خلال قوة الناس.
مع قيادة ريم الشغوفة، وفريق “أهل” المتحمس، ومجتمعنا من القادة والقائدات، ومع وجود المجلس الاستشاري الذي نقدّره، وأصدقاء أهل الذين يشاركوننا شغفنا لإحداث التغيير، تبقى “أهل” وفية لرسالتها وإيمانها العميق بقدرة الناس على صنع التغيير، مستمرة في رحلتها نحو بناء مجتمعات عربية أكثر عدالة وقوة.
أشارككم مجموعة من الصور التي توثق لحظات من كواليس عمل فريق أهل، حيث الجهد والتخطيط والتفاعل الذي يصنع الفرق.