https://ahel.org/wp-content/uploads/2024/02/header-scaled.jpg
https://ahel.org/wp-content/uploads/2024/06/long-articles-main-image-01-1.png

قوة الناس في تنظيمها وصمودها: الجنسية لأبناء الأردنيات

نظرة سرديّة على حملة «أمي أردنية وجنسيتها حق لي»

الوعي الثوري وتحويل أفراد يقبعون تحت الظلم إلى أهل قضية مُنظمّون/ات وكتلة جمعية وازنة تُظهر القضية إلى السطح، تخاطب الرأي العام، وتتحرك على الأرض وفي غرف صناع القرار للحث على التغيير وجه من أوجه قوة الناس وقدرتهم على التحكم بمصائرهم. هذا ما صنعته حملة “أمي أردنية وجنسيتها حق لي” التي عملت على انتزاع بعض الميزات لأبناء الأردنيات المتزوجين من أب أجنبي المحرومين من الجنسية الأردنية وما يأتي معها من حقوق وطنية. على الرغم من أنّ الطريق طويل، وأن مطلب الجنسية والمواطنة الكاملة لم يتحقق بعد، إلّا أنّ الحملة رسخت خطاباً إعلامياً ومطلبياً لا زال متداولاً في الإعلام وبين الناس، فقوة الناس بصمود قضيتهم وقدرتهم على التنظيم.

تُحرم الأم الأردنية المتزوجة من أجنبي من حق توريث أبنائها الجنسية الأردنية وما يأتي معها من حقوق مدنية وعمالية وخدماتية تجعل من مشاركة حاملها السياسية والاجتماعية مشاركةً كاملةً تحت إطار المواطنة. من هذه المعاناة، خرجت في عام ٢٠٠٤ حملة «أمي أردنية وجنسيتها حق لي» للمطالبة والضغط على صانع القرار بتنفيذ التأويل الدستوري الذي يضمن مساواة الأردني والأردنية في الحقوق والواجبات ومنها حق توريث الجنسية.

عملت الكاتبة الأردنية نعمت الحباشنة على تنظيم أهل القضية في أوائل الحملة وتحويل مطالبهم المتفرقة إلى حراك جماعي واحد يوحّد صوتهم ويوصله إلى غرف صناعة القرار في الأردن. 

في هذا التقرير، تتحدث منسقة الحملة عن بدايات التنظيم ومساعيه الأساسية ومعاناة أهل القضية:

فيديو: أمّي أردنيّة وجنسيتها حق لي | حقوق وحريات 

إصرار أهل القضية وتنظيمهم المستمر للضغط على تجاوب الدولة كان واضحاً في تغطية هذا المقال لصمود الحملة ودخولها عامها الثامن وحشدها لأهل القضية وإعطائهم القوة للمطالبة بحقهم والأدوات التنظيمية للتحكّم بمصيرهم ضمن التكتيكات الضاغطة:

“إحدى تلك النساء اللواتي انضممن حديثا، السيدة نجاح ارشيد والتي وجدت نساء الحملة يشابهنها في الحال وقررت عندها خوض غمار النشاط المدني مع باقي النساء دون كلل أو ملل متحصنة على واقع أبنائها وزوجها المرير.”

استطاعت الحملة أن توصل مطالبها مكتوبةً إلى مجلس النواب بعد اعتصام أمام بوابات المجلس وتحويل المطالب من صفحات الفيسبوك إلى غُرف التشريع:

يذكر أن حملة «أمي أردنية» وجنسيتها حق لي أقامت الأسبوع الماضي اعتصاما وسلمت المعتصمات مذكرة لرئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب طالبن فيها بالتساوي مع الرجل في حق منح الجنسية لزوج وأبناء الأردنية أسوة بباقي النساء.

هذه الجهود التنظيمية الجماعية تلاحمت مع المجتمع المدني ضمن تأسيس ائتلاف «جنسيتي حق لعائلتي» عام ٢٠١١، وبداية مرحلة جديدة من النضال الضاغط للتحول القانوني وانتزاع الحقوق، فتحولت كتلة الأمهات الأردنيات من تجمّع مطلبي مُنظّم إلى ائتلاف حقوقي يضغط على مستويات جديدة من الإرادة السياسية. هذا التقرير يوثق تشكيل هذا الائتلاف وعمله المنظّم:

فيديو: جنسيّتي حق لعائلتي | حقوق وحريات

ويوثق هذا المقال البناء القانوني والمطلبي الذي تشكّل في خطاب الحملة وعملها مع الائتلاف، هذا مقطع منه:

“واتفق المشاركون في الاعتصام السابع للحملة، على مواصلة تنظيمها، إضافة إلى تنفيذ المزيد من الأنشطة وكسب التأييد، بهدف الضغط باتجاه تعديل المادة 6 من الدستور، من خلال إضافة كلمة “الجنس” لها، لتصبح ” الأردنيون أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين أو الجنس”.”

استطاع أهل القضية إثبات قوتهم على مستويات تنظيمية ومعرفية وجماعية وسياسية أيضاً، إن كان عبر تأسيس الشراكات أو بتصعيد الضغط بالتكتيكات على الأرض من اعتصامات ووقفات. 

يوضح هذا المقال في مجلّة مُناصرة كيفية تكثيف الحملة لجهودها في الأعوام التي تلت تأسسيسها، حيث يقول المنسق العام الحالي للحمة، رامي الوكيل إنّ:

“وفي الفترة ما بيـن ٢٠٠٨ و٢٠١٤، نفذت الحملة حوالي ٦٨ اعتصاما أمام مجلس الوزراء ومجلس النواب ووزارة الداخلية، واستطاعت عقد لقاءات مع نواب ومسؤولين لإيصال صــوت أبناء الأردنيات وتوضيح الصعوبات التي يواجهونها في حيواتهم اليومية.”

في هذه التغطية الصحفية لأحد اعتصامات الحملة أمام رئاسة الوزراء الأردنية في عيد الأم، نرى الأمهات مصطفات وقادرات على مواجهة الإعلام بمحاججات ومطالب لقضيتهم المُحقة، ما يوعز إلى قدرة الحملة في تفعيل الوعي الثوري والحقوقي لدى أهل القضية:

فيديو: الحقيقة الدولية حملة امي اردنية تعتصم وتؤكد رفضها للمزايا الخدمية

أثمرت قوة الناس والصمود التنظيمي الجماعي هذا تغييراً على مستوى السياسات إذ صدر قرار مجلس الوزراء عام ٢٠١٤ (ولاحقاً عام ٢٠١٩) بتخفيف القيود على أبناء الأردنيات ومنحهم بعض التسهيلات والامتيازات.

توثق مادة مجلة مناصرة ارتباط هذا التحوّل على مستوى السياسات بالتنظيم وجهود الحملة والائتلاف، ومنها هذا المقطع الآخر:

على إثـر الضغط الشعبي والتحركات النيابية بقيادة كتلـة عرفــت باسم «المبادرة النيابية»، أصدرت الحكومة قرارا في شــهر تشرين الثاني من العام ٢٠١٤ تمنح بموجبه أبناء الأردنيات بطاقات تعريفية تؤهلهم للتمتع بتسهيلات في مجالات التعليم والصحة والتملك والإقامة والعمل والاستثمار بشكل رئيـس، وقـد أشارت التقديرات في حينه إلى وجـود ٨٥ ألف سيدة أردنية متزوجة من غير أردني. على ســبيل المثال، نص القرار على وجوب معاملة ابن الأردنية معاملة الأردني في التعليــم في المرحلتين الأساسية والثانوية، ويعامل معاملة الأردني حتى سن الثامنة عشرة، كمـا أعطى الأولوية في العمـل في القطاعات المخصصة للأردنيين حصراً بعد الأردنيين، وأعفي في بداية الأمر من رسوم تصريح العمل، ولكنــه ظــل بحاجــة إلــى استخراجه، إلى أن تم إلغاء تصريح العمل بالكامـل بتعديل المادة ١٢ مـن قانـون العمـل الأردني عـام ٢٠١٩ لتنـص على  أن يعفى «أبنــاء الأردنيات المتزوجات مــن غيــر الأردنيون المقيمون في المملكة من الحصول على تصاريح العمل المنصوص عليها في الفقرتين (أ) و(ب) من هذه المادة».

اعتبرت الحملة هذا التغيير الإيجابي غير كافٍ، وكان هنالك تكثيف للجهود مجدداً في الأعوام التي تلت قرار إصدار البطاقة التعريفية عام ٢٠١٤، ومنها مواصلة أهل القضية بالتنظيم والاستمرار بالاعتصامات لرفض الامتيازات الخدميّة والتوجه نحو الحقوق الكاملة، ووثق هذا المقال دخول أهل القضية مجدداً إلى غرف المُشرع لطرح القضية والثغرات في الحل السياسي المطروح وتطبيقه:

وقال النائب خالد رمضان إن الأمانة العامة لمجلس النواب اتخذت خطوة حميدة باستقبال أعضاء الحملة بالورد، واستمعت لمطالبهن؛ مشيرا الى انه جرى نقاش موسع معهن بقاعة عاكف الفايز في مبنى المجلس بقرار من رئيس مجلس النواب بالإنابة خميس عطية.

على الرغم من عدم تحقيق حملة «أمي أردنية وجنسيتها حق لي» هدفها الأسمى بإعطاء الأمهات الأردنيات حق توريث جنسيتهن لأبنائهن وبناتهن إلى هذا اليوم -ويوعز ذلك إلى السياق السياسي الذي يتذّرع بالمؤامرات الإقليمية مثل الوطن البديل وصفقة القرن والحل النهائي للقضية الفلسطينية ليبرر منعه مساواة المرأة مع الرجل في الحقوق-، نجحت هذه الحملة في انتزاع امتيازات مبدئية تضمن بعض الحقوق لأبناء الأردنيات، ونجحت في تعزيز فاعليه وأهلية أهل القضية من الأمهات وتنظيمهن، وأخيراً نجحت في إبراز القضية ودفعها إلى الرأي العام، حتى أنّ البرامج والمقالات من عام ٢٠١٩ و٢٠٢٢ (أي ١٥ و١٨ عاماً من بعد تأسيس الحملة صفحتها على الفيسبوك) لا زالت تتحدث عن القضية وتطرحها وتناقشها، مثلما جاء في هذه المدونة الصوتية (بودكاست) عن هذه القضية:

مسموع: الحلقة الثالثة عشر: حق الأردنية في منح جنسيتها لأبنائها

ومثلما جاء في هذا التقرير المكتوب المُخصص لهذه القضية في العام الماضي ٢٠٢٢:

“إلى حين ولادة حل ينصف هذه الفئة، سيبقى أيهم وغيره من أبناء الأردنيات، يعيشون في بلد يعتبرونه وطنا، لكنهم سرعان ما يشعرون بالحزن حينما يواجهون مواقف تكشف التمييز بحقهم. يختم أيهم: “إحنا سكان هالبلد، إحنا مواطنين بالانتماء مش على الورق”.”