تفعيل الوعي الثوري وتحويل أفراد يقبعون تحت الظلم إلى أهل قضية مُنظمّون/ات وكتلة جمعية وازنة تُظهر القضية إلى السطح، تخاطب الرأي العام، وتتحرك على الأرض وفي غرف صناع القرار للحث على التغيير وجه من أوجه قوة الناس وقدرتهم على التحكم بمصائرهم. هذا ما صنعته حملة “أمي أردنية وجنسيتها حق لي” التي عملت على انتزاع بعض الميزات لأبناء الأردنيات المتزوجين من أب أجنبي المحرومين من الجنسية الأردنية وما يأتي معها من حقوق وطنية. على الرغم من أنّ الطريق طويل، وأن مطلب الجنسية والمواطنة الكاملة لم يتحقق بعد، إلّا أنّ الحملة رسخت خطاباً إعلامياً ومطلبياً لا زال متداولاً في الإعلام وبين الناس، فقوة الناس بصمود قضيتهم وقدرتهم على التنظيم.
يعتقد الكثير من الناشطين والقياديات أنّ قوة الناس مرتبطة ارتباطاً حصري ببروز نتائج آنية للحراك المطلبي، وتغيرات سريعة على مستوى السياسات والمجتمع، أو أنّ هذه القوة تظهر فقط في مشاهد الجموع والحشود الغفيرة في المظاهرات والميادين. في هذا المقال نقدم طرحاً توسيعياً لمفهوم قوة الناس ونجادل -عبر استعمال قصاصات ومقتطفات من الإعلام المقروء والمرئي والمسموع- أنّ قوة الناس تظهُر أيضاً بتراكم الحراكات والتنظيمات المجتمعية غير الرسمية. من خلال تفحّص تجارب نسوية متعددة في فلسطين، نرى أنّ للناس تأثير مركب ومتفاقم، يشبه كرة الثلج في بداية تدحرجها، قد تبدو بالظاهر ضعيفة ومفككة، ولكنها عبر تقاطعاتها وتشابكاتها تكبر وتبني على خطابات كُلٍّ منهم لتحفّز التغيير رويداً رويدا، خاصةً تحت وطأة احتلال وبُنى مجتمعية راسخة لا يكفي العمل الجماعي بتغييرها فحسب، بل بتكدس وتنوع الخطابات والتكتيكات والاستراتيجيات لمجابهتها.