الإبادة الحاليّة التي يمارسها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في غزّة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠٢٣، وضعت كل ما نفعله بصفتنا مجتمعًا مدنيًا وقياديين أمام سؤال وجوديّ: كيف نكون متّسقين مع رسالة مؤسساتنا نحو العدالة والحرية، عندما تتجسّد أمامنا مشاهد النازية والفاشية بأقسى صورها؟
هذه المرّة، نحن شهود على ما يحدث بتفاصيله؛ ما يحتّم علينا أن يكون لنا دور فعلي، ليس فقط بصفتنا شعوبًا عربية، إنما أيضًا مؤسسات مجتمعيّة تدعم وتمكّن قيادة التغيير. ولكن ما هو الدور؟ وكيف يمكن أن يكبر؟ وكيف يمكن أن يكون ذا مساهمة حقيقية، ليس الآن فقط، بل في المستقبل. نستكشف الأجوبة على هذه الأسئلة التي أثّرت في عمل مؤسستنا منذ بالسابع من أكتوبر/ تشرين الأول، نسعى لأن يكون لها أثر إيجابي ومساهمة حقيقية في تعزيز استراتيجيتنا وتثبيت بوصلتنا التمكينية مع المناضلين والمناضلات.
منذ بدء العدوان البشع الأخير، اخترنا أن نستثمر خبرتنا في التنظيم المجتمعي وتمكين مجموعات التغيير، وفي تقديم تدخّلات تمكينية لأي أفراد أو مجموعات قرّرت تحويل شعورها بالقهر نحو تحرّك فعلي. ومن الرائع القول هنا إنه تقدّم لطلب تدخّل تمكيني نحو 14 مجموعة مختلفة من بلدان عدة في العالم العربي. نحن فخورون بقيادة تلك المجموعات وتحرّكها، رغم الشعور البالغ بالتكبيل واللّا جدوى الذين قد ينبعان من حقيقة أن الأفكار في النهاية لا تؤدي إلى إيقاف إزهاق الأرواح.
فيما يلي، نلخص مجالات التحرك التي قدمنا لها تدخلات تمكينية، ونقدم ملاحظاتنا حول الديناميكيات التي تنبّهنا لوجودها لدى الأفراد والمجموعات الراغبة في قيادة التحرّك لصالح فلسطين.
تأتي أهمية ذلك من كون تحقيق التحرير والعدالة هو مشوارٌ طويل، فتحت المقاومة الفلسطينية في غزّة لنا نافذة لنرى منها الأفق، لنرى أن التحرير لن يكون محض صدفة، إذ يتوجب بدء مشوار يركّز على الضغط والمطالبة ورفع الصوت وحشد بعضنا البعض. ومن شرارة لأخرى سنجد أنفسنا مدفوعين بقدرات أكثر اتقادًا وقدرةً على التغيير. كذلك تأتي أهمية مثل هذه التحركات من كونها تبني نحو قدرات على التحرّك الأكبر الذي يراكم الجدوى النضالية الكبيرة.
كلّ التحركات والنضالات الآن ضرورية ومهمة، مع إبقاء الاعتبارات لمدى تأثيرها الآن، ومقارنة ذلك التأثير أو القوة والجدوى، جانبًا؛ إذ إن ذلك من شأنه فقط أن يساهم في مزيد من التكبيل لمحاولات الأفراد والجماعات لانتزاع أنفسهم من جذور اللافاعلية، دافعين بأنفسهم نحو مساحات إدراك المسؤولية والقوّة.
فلتمسي أوطاننا حرّة
وليُنتزع الاحتلال الوحيد الباقي في القرن الواحد وعشرين عن أرضنا
ولينبت فينا الأمل والقدرة والتضامن
ريم مناع
مديرة تمكين الحملات